responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 587
مساكين قولان: أحدهما: مدّان من بُرٍّ، وبه قال ابن عباس، وأبو حنيفة. والثاني: مُدُّ بُرٍّ، وبه قال الشافعي، وعن أحمد روايتان، كالقولين.
قوله تعالى: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً قرأ أبو رزين، والضحاك، وقتادة، والجحدري، وطلحة: «أو عِدل ذلك» ، بكسر العين. وقد شرحنا هذا المعنى في البقرة. قال أصحابنا: يصوم عن كل مُدّ بُرٍّ، أو نصف صاع تمر، أو شعير يوماً. وقال أبو حنيفة: يصوم يوماً عن نصف صاع في الجميع. وقال مالك، والشافعي: يصوم يوماً عن كلِّ مدٍّ من الجميع.
فصل: وهل هذا الجزاء على الترتيب، أم على التخيير؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه على التخيير بين إِخراج النظير، وبين الصيام، وبين الإِطعام.
والثاني: أنه على الترتيب، إِن لم يجد الهدي، اشترى طعاماً، فإن كان معسراً صام، قاله ابن سيرين. والقولان مرويّان عن ابن عباس، وبالأول قال جمهور الفقهاء.
قوله تعالى: لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ أي: جزاء ذنبه. قال الزجاج: «الوبال» : ثقل الشيء في المكروه، ومنه قولهم: طعامٌ وبيل، وماءُ وبيل: إذا كانا ثقيلين. قال الله عزّ وجلّ: فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا أي: ثقيلاً شديداً.
قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ فيه قولان: أحدهما: ما سلف في الجاهلية، من قتلهم الصيد، وهم محرمون، قاله عطاء. والثاني: ما سلف من قتل الصيد في أوّل مرّة، حكاه ابن جرير، والأول أصح. فعلى القول الأول يكون معنى قوله: وَمَنْ عادَ في الإِسلام، وعلى الثاني: وَمَنْ عادَ ثانية بعد أولى. قال أبو عبيدة: «عاد» في موضع يعود، وأنشد:
إِن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ... وإِن ذكِرْتُ بسوءٍ عندهم أذِنُوا «1»
قوله تعالى: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ «الانتقام» : المبالغة في العقوبة، وهذا الوعيد بالانتقام لا يمنع إِيجاب جزاء ثانٍ إِذا عاد، وهذا قول الجمهور، وبه قال مالك والشافعي، وأحمد. وقد روي عن ابن عباس، والنخعي، وداود: أنه لا جزاء عليه في الثاني، إنّما وعد بالانتقام.

[سورة المائدة (5) : آية 96]
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)
قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ قال أحمد: يؤكل كلُّ ما في البحر إِلا الضِّفدِع والتِّمساح، لأن التمساح يأكل الناس يعني: أنه يَفْرِسُ. وقال أبو حنيفة، والثوري: لا يباح منه إِلا السمك. وقال ابن أبي ليلى، ومالك: يباح كلُّ ما فيه من ضفدع وغيره.

(1) البيت لقعنب ابن أم صاحب، وهو في «اللسان» مادة- أذن- ملفق من بيتين هما:
إنْ يَسْمَعُوا رِيْبِةً طارُوا بِهَا فَرَحاً ... مِنَّي وما سمعوا من صالح دفنوا
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به ... وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا
جهلا علينا وجبنا عن عدوّهم ... لبئست الخلتان الجهل والجبن
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 587
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست